عنـدمـا كـتب أبو القـاسم الشـابي : إذا الشعـب يوما أراد الحيــاة .. لم يصـرخ فيـه أحـد أن من هو حـتى يتكـلم بإسـم الشعـب ؟
عنـدما خـرج الشـرفاء منّـا فاتحـين صـدورهم للـرصاص طريقـا للـحرية يهـتفون : الشـعب يـريد إسقـاط النـظام ، لم يعتـرضهم أحد أنهم لا يمثلون إلا أنفسـهم
الشـعب يريـد إسقـاط النـظام ! هلّا تذٌكـرون
كنـا شعـبا واحدا، صوتـا واحـدا، يـدا واحـدة، لا شرقية و لا غربية، لا علمانية، لا إسلامية، لا شيوعية، لا ليبرالية، لا..
كنـا شغــلا حريــة كـرامـة وطـنـية، هلّا تذٌكـرون
قررنـا..أردنـا..صنـعنا..بعثــرنا خرائـط الجغـرافيا..حولنا سيدي بوزيد إلى ضاحية شمـالية.. نصّـبنا تالـة مخيـما فلسطيـنيا..حولنـا وجـهة القصـرين إلى أمــام وزارة الداخلـية...كتبنـا في التاريـخ ملحـمة جديدة..كتبنـاها في بحـر المتدارك؛ فاعلـن فاعلـن فاعلـن فاعلـن، هلّا تذٌكـرون
ثم مـات الشهـيد، كبّـرنا، و زغردت النسوة بالبـكاء
(عندي تلاثه أخرين، خوذوهم و أعطيونا الحريه)، هكـذا قالـت أم الشهيد و هكذا قـلنا : إذا الشعـب يومـا أراد الحيـاة ، فليـكن في هـذا اليوم أن يستـجيب القـدر..هلّا تذٌكـرون
و جـاء يوم الجـمعة..يـوم بخمـسين ألف يـوم .. و غـرق فرعــون في بحـر أحـمر بالـدماء...لكن جنـوده بقـيت
إنـها الثـورة المضـادة ..يا شعبي
ثم جـاء الليـل..فنمـنا مطمئـنين..كان نومـا عمـيقا و غـريبا..و بـدأت الكـوابيس..و رأيـت
إني رأيـت البوعـزيزي قتلنـاه وطـرحناه أرضـا..حرقـناه من جـديد..إقتلعـنا إسـمه من شوارعـنا و من أذهـاننا و من قصصـنا..نكّـلنا بذويـه..ألـم نكـن كلـنا بوعـزيزي ؟
إني رأيت كل الكلام مباح..إلا كلمة الشعب (من أنت حتى تتكلم بإسم الشعب ؟) (لا أحد يتكلم بإسمي) .. كل الكـلام مباح ..فالـرصاص إشـاعة..والشـهيد إشاعة..و الـثورة إشاعة.
إني رأيـت حكـومة ظل..و نـساءا تضـرب في الشـوارع..و شـرفاء في السـجون..و واحـدا و ثمانـين حزبـا و كرسيـا له يسـجدون
مـات الملـك، عـاش رئيـس برلمـان الملك..و صـاحب الشـرطة و قـائد العسكـر..و حاشيـة قديمـة جـديدة
نفـس شعـراء البـلاط، غيـروا قـوافي قصائــدهم القـديمة و باعـوها من جديـد..للمـــلك الجـــديد
و الشـعب ؟
عنـدمـا كـتب أبو القـاسم الشـابي : إذا الشعـب يوما أراد الحيــاة .. صـرخ فيـه أحـدهـم، فتـألم الشـابي و كـتب قصيـدة ثانـية
أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً
فأهوي على الجذوعِ بفأسي
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا يالَتْ
تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ
ليتَني كنتُ كالريّاح، فأطوي
ورودُ الرَّبيع مِنْ كلِّ قنْس
ليتني كنتُ كالسّتاء، أُغَشِّي
كل ما أَذْبَلَ الخريفُ بقرسي
ليتَ لي قوَّة َ العواصفِ، يا شعبي
فأُلقي إليكَ ثَوْرة َ نفسي
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ! إن ضجَّتْ
فأدعوكَ للحياة ِ بنبسي
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ..! لكْ
أنتَ حيٌّ، يقضي الحياة برمسِ

معبّرة, جميلة و مؤثّرة, سأنشرها مع ذكر صاحبها, سأطبعها و أوزعها...
RépondreSupprimer